ومما لا شك فيه أن النشاط الثقافي، ممثلا في رزنامة من التظاهرات التي تتمحور حول تيمات متعددة ومتنوعة، إضافة إلى باقة من المهرجانات رفيعة المستوى، والتي بلغ إشعاعها مصاف العالمية، تبقى محرك هذه الدينامية التنموية السوسيو- اقتصادية على صعيد إقليم الصويرة.
ولعل أبلغ مثالين على ذلك، هما البرنامج التكميلي لتأهيل وتثمين المدينة العتيقة للصويرة (2019 – 2023)، الذي يمضي وفق ماهو مسطر له، وحاضرة الفنون والثقافة المستقبلية، وهما مشروعان يأتيان ليعززا هذه الدينامية متعددة الأبعاد التي تعرفها حاضرة الرياح، وتكرس تجذر ومركزية الثقافة كرافعة حقيقية للتنمية.
وبالفعل، فإن الوقع الملموس لورش إعادة تأهيل النسيج الحضري العتيق للمدينة، والذي تستفيد منه 13 ألف نسمة، أضحى جليا بمجرد القيام بجولة في المدينة العتيقة، والتي تعد القلب النابض للنشاط السياحي والسوسيو- اقتصادي لجوهرة المحيط الأطلسي.
ويعتبر هذا البرنامج من الجيل الجديد، الذي تمت بلورته طبقا للتعليمات الملكية السامية، ثمرة شراكة بين صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعديد من القطاعات الوزارية، ومجلس جهة مراكش – آسفي، والمجلس الجماعي للصويرة، ومجموعة العمران، حيث يهم سلسلة من المشاريع، ترتكز على 4 محاور رئيسية، هي تأهيل المجال العمراني، وترميم وتأهيل التراث التاريخي، وتعزيز الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، وتقوية الجاذبية السياحية والاقتصادية للمدينة العتيقة للصويرة.
ويندرج هذا البرنامج التكميلي لتأهيل وتثمين المدينة العتيقة للصويرة، الذي تطلب تعبئة استثمارات قدرها 300 مليون درهم، في إطار الجهود المبذولة، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرامية للمحافظة على المدن العتيقة وتثمينها بعدد من مدن المملكة، كالرباط والدار البيضاء، ومراكش، وفاس، ومكناس، وسلا، وتطوان.
وبشأن مشروع حاضرة الفنون والثقافة، فيتعلق الأمر ببنية تحتية ثقافية عصرية ستعزز الإشعاع الدولي لمدينة الرياح، وتزكي سمعتها كملتقى للثقافات بامتياز.
وستحمل هذه البنية الرفيعة، التي انطلقت بها أشغال إقامة الورش وتهييء الأرضية في مارس الفارط، توقيع المعماري البرازيلي الشهير، أوسكار نيماير، الذي وهب للمغرب وللصويرة التصميم الخاص بها.
وسيشكل هذا المشروع الضخم، الذي تم التوقيع على الاتفاقية الخاصة به بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بكل تأكيد رافعة لتحقيق التنمية الترابية بالصويرة.
وستمكن هذه البنية الهامة، التي يتطلب إنجازها استثمارات تبلغ 350 مليون درهم، من استقبال سلسلة من الأنشطة الثقافية، والفنية وتلك الخاصة بالصناعة التقليدية، التي سيتم تجميعها في مركب عصري يستجيب للمعايير الدولية في هذا المجال.
وتتكون هذه الحاضرة، التي سيتم تشييدها على مساحة تناهز أربعة هكتارات، على الخصوص، من قاعة مغطاة بطاقة استيعابية تبلغ 1000 مقعد، ومعهد للموسيقى، وساحة خارجية تتسع لـ 30 ألف شخص، ودار للكتاب، وفضاء مخصص للفنون التشكيلية، وورشة للصناع التقليديين والتصميم.
وبالإضافة إلى هذين المشروعين المهيكلين اللذين يوجدان قيد الإنجاز بحاضرة الرياح، تبذل السلطات الإقليمية ومختلف الفاعلين والمتدخلين في عدة قطاعات (طرق، تعليم، صحة، إعداد التراب، فلاحة، التزويد بالماء، وطاقة متجددة..) جهودا دؤوبة حتى يحتل إقليم الصويرة المكانة التي يستحق، ومن ثمة، تمكين الساكنة المحلية من ظروف عيش مثلى.